انه ميسي الفقراء

فيصل يونس ذلك العلم الذي فقدناه

جاءنا الخبر الذي كنا نخاف من سماعه طيلة شدة المرض ومعاناته من مرض السكري اللئيم، جاءنا الخبر بعد كل صبره على الوصفات البلدية التي كان يتعالج بها من جرح إصابه حين علَّق على تلك الوصفات قائلاً«يمكنك أن تفطر من رقبتي» وذلك لكثر تلك الوصفات «لبخة حلبة وعسل وعجين وغيرها» ولا أنسى حين سأله الدكتور لماذا تأخرت في العلاج؟ فرد عليه «بسبب الميكانيكية الذين يعملون بمستشفى ...» رحمه الله.
استمر في العلاج بمستشفى مدني رافضاً الدخول في العنبر مفترشاً الأرض تحت الأشجار، حتى يستطيع أن يقابل الزائرين، وكان الزائرون يتوافدون فرادى وجماعات، كل ٌيسأل الله له الصحة والعافية وكان الآخرون يسألون الزائرين عن صحته أولاً ثم ماذا قال اليوم أوعلى ماذا «علق»، لأن تعليقه أو حديثه كان بلسماً للآخرين.
وتعافى وخرج من المستشفى وفرح الجميع لذلك، إلى أن ساءت حالته مرة أخرى ونقل للخرطوم وكان هناك موعده مع هادم اللذات حيث صعدت روحه الطاهرة إلى بارئها، تاركةً وراءها بكاء الأطفال والكبار على وداعه إلى مثواه الأخير.
الكل يبكي فيصل لماذا؟ لا إجابة على هذا السؤال، لماذا ؟ لأن لكل واحد سبباً مختلفاً عن الآخر كيف؟.. فيصل ساعدني في ... وآخر فيصل ساعدني في ... فيصل حل لي مشكلة... فيصل فيصل..
الكل يحكي والكل يبكي وياليت البكاء يعيده، هناك مقولة تقول:« من كان بلا خطيئة فليرمها بحجر» وكأن روح المرحوم تقول مَنْ أغضبتُه في يوم أو شتمته أوطلب مني مساعدة ولم أوفق فيها فليترحم عليّ ، ويطلب لي المغفرة.
مهما أكتب ويكتب غيري لا نستطيع أن نكتب لأنه كان كتاباً متفرداً عند كل شخص، لم يكن ذلك بالنسبة لأهله وزملائه، بل لكل من عرفه في جميع قرى ومدن السودان التي قضى فيها لحظة من عمره القصير، لأن اللحظة عند جليسه بسمة، ولها طعم يتزود به حتى لقاء آخر معه «كنت معاه هسه ومشتاق ليه لسه» ، ولكن ذهب بلا عودة، ولا يسعنا إلا أن نقول مايرضى الله: حسبنا الله ونعم الوكيل، وإنا لله وإنا إليه راجعون

سيد رضوان عبد الله
كتاب همس الريف

في أربعينك يا فيصل

عبد الرحمن علي النويري

ابكيك الخليج أخوانك المغتربين

العبرة سادة الحلق والدمعة ماليه العين

قرار العبوس دائماً تشيل الزين

ما غالي على الإله مخلوق من تراب وطين

مأخذ الحكمة من أبوك واعمامك


ما كان في الفريق الناس تدني كلامك

فقدك صعيب في جمعينا ظاهر آلامك

اتقبلك الكريم فردوسه يبقى مقامك

ابكنك بنات الفي كجر ضاربات

تبكيك «أبوحراز» ضريحها والنوبات

فاقداك «شهرزاد» «سامية» ومعاها «نجاة»
فاقدنك جميع دخري للحوبات

ما فقد «النو» يمين فقد الغريب والجار

فقد النويري العسيلي إسماعيل البدوي صاحب الدار
فقد اللفي الخلاء ما بين خدار وعدار

فقد الفي المدارس مرفود وسابقه انذار

فقدك أليم ما فقد «النخل» و«النو»

فقد المنطقة صنديد وراجلاً ضو

حزنانين جميع باكيات صقور الجو

غرقانين بالدموع من تلفونه جانا ألو